تطبيق VLC.. لماذا رفض صاحبه ملايين الدولارات؟
في عالم التكنولوجيا المليء بالطمع والشركات العملاقة التي تشتري كل فكرة جديدة،
تأتي أحيانًا قصة مختلفة، نادرة، تجعلنا نعيد التفكير في معنى النجاح والمال.
واحدة من هذه القصص هي قصة تطبيق VLC، البرنامج الذي يعرفه الجميع تقريبًا،
لكنه يخفي وراء بساطته حكاية غريبة عن مطور رفض أن يبيع حلمه مقابل الملايين
ما هو تطبيق VLC
منذ أكثر من عشرين عامًا، استطاع أن يصبح الأداة الأساسية لكل من يريد تشغيل مقاطع الفيديو والصوت على أي نظام.
يعمل على ويندوز وماك ولينكس وحتى الهواتف الذكية.
ولعل ما يميزه حقًا أنه مجاني تمامًا و مفتوح المصدر، أي يمكن لأي شخص تحميله وتعديله واستخدامه دون دفع فلس واحد.
لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن VLC لم تصممه شركة تجارية ضخمة،
بل بدأ كمشروع جامعي بسيط في فرنسا، من قبل مجموعة طلاب من مدرسة الهندسة École Centrale Paris،
وكان هدفهم فقط تطوير مشغل فيديو داخلي للشبكة الجامعية.
من مشروع جامعي إلى أداة يستخدمها العالم
تطور المشروع ببطء حتى أصبح تطبيقًا متكاملًا،
وأطلق عليه اسم VideoLAN Client أو اختصارًا VLC.
بمرور الوقت، بدأ الناس من خارج الجامعة باستخدامه، لأنه كان بسيطًا وسريعًا ويشغل تقريبًا كل الصيغ التي لا يستطيع غيره تشغيلها.
الطلاب الذين طوروه لم يتوقعوا أن يتحول هذا البرنامج الصغير إلى أسطورة تقنية،
لكن الإنترنت كان في بداياته، والناس كانت بحاجة إلى أدوات مجانية وفعالة.
VLC جاء في الوقت المناسب تمامًا، وانتشر في كل مكان.
العروض المغرية التي رفضها الفريق
عروض بملايين الدولارات انهالت على مطوري VLC من شركات أرادت شراء الكود أو تحويله إلى منتج تجاري.
لكن المفاجأة أن الفريق رفض كل العروض.
السبب؟ لأنهم كانوا يؤمنون أن البرنامج يجب أن يبقى مجانيًا ومفتوحًا للجميع.
قال أحد مؤسسي المشروع في مقابلة قديمة:
"لم نكتب VLC لنصبح أثرياء، كتبناه لأننا نريد أن يتمكن أي شخص من مشاهدة ما يريد دون قيود."
كانت كلمات بسيطة، لكنها تعني الكثير في عالم يسيطر عليه رأس المال.
VLC ظل مشروعًا مفتوح المصدر، يعتمد على تبرعات المستخدمين ومساهمات المتطوعين من حول العالم.
فلسفة وراء المجانية
لكن فلسفة مطوري VLC كانت أعمق من مجرد كسب المال.
هم أرادوا أن يثبتوا أن البرمجيات يمكن أن تكون قوة لخدمة الجميع لا وسيلة للربح فقط.
فكرة البساطة، الحرية، والمشاركة المجتمعية كانت في قلب المشروع منذ بدايته.
لذلك تجد أن VLC لا يحتوي على إعلانات،
ولا يطلب اشتراكًا،
ولا يجمع بيانات المستخدمين كما تفعل أغلب التطبيقات الحديثة.
إنه يقدم لك الخدمة ببساطة وبلا مقابل، كما كان في البداية.
سر النجاح الدائم
المستخدمون يعرفون أنه آمن، نقي، بلا مصالح خفية.
وفي زمن امتلأ بالاشتراكات والإعلانات المزعجة،
أصبح VLC رمزًا نادرًا للبرامج الصادقة.
حتى اليوم، كل تحديث جديد يصدره الفريق الفرنسي ما زال مجانيًا بالكامل.
والمثير أن بعض المساهمين الذين يعملون على تطويره يفعلون ذلك تطوعًا،
فقط لأنهم يؤمنون بالفكرة.
حين يصبح الرفض بطولة
قصة VLC ليست مجرد حكاية عن برنامج،
بل درس أخلاقي نادر في عالم التقنية.
في زمن يُباع فيه كل شيء،
هناك من قرر أن يقول "لا" للمال، وأن يختار المبادئ بدل الربح.
صاحب المشروع وفريقه لم يجنوا ثروات،
لكنهم تركوا أثرًا أعمق من المال،
برنامجًا يستخدمه مئات الملايين يوميًا دون أن يدفعوا شيئًا،
وأصبح رمزًا للحرية الرقمية.
لماذا يحب الناس هذه القصة؟
قصة VLC مختلفة.
تمنح الناس شعورًا نادرًا بالأمل،
أن النجاح يمكن أن يكون في الاستمرار والثقة، لا فقط في الأرقام.
أن هناك من يطور ليُفيد، لا ليبيع.
ولهذا السبب، كل مرة يتحدث فيها الناس عن التطبيقات المجانية،
يعود اسم VLC إلى الواجهة، كأن الزمن لا يغير مكانته أبدًا.
النهاية التي لا تنتهي
بعد أكثر من عشرين عامًا، ما زال VLC على قيد الحياة،
يتطور باستمرار، ويُحافظ على وعده القديم:
أن يبقى مجانيًا، بسيطًا، ومتاحًا للجميع.
إنها حكاية إنسانية وسط عالم تقني سريع،
تُذكرنا بأن بعض الأشياء العظيمة تبدأ من فكرة صغيرة…
ولا تحتاج إلى الملايين لتصمد.
.png)
.png)

.jpg)
.jpg)